فئران تجارب… 2020

فئران تجارب… 2020
 
ماهو أسوأ سيناريو محتمل قد يحدث، سوى أن تكون حبيس
الإقامة الجبرية لقرابة السنة، و السبيل للخروج من هذا السجن
ليس قطرات من لقاح، بل أن تتقن علوم الحاسب من جديد
وتمسك بكومبيوترك المعبأ بكل ماهو مايكروسوفتي، وبشي من
خرافات قيتس -الحالم بعالم أقل إزدحاماً -، تحاول العودة من
جديد لذلك الكابوس الذي لطالما أحتفيت كل يوم بالتخلص منه.
تعود ممسكاً بهاتفك المدرسة-المطعم-المستشفى-السيارة-اللعبة
-الطيارة-الأغنية-المدونة-والهاتف لتبدأ معه من أول اليوم آخره. 

تتعلم بالمقلوب كفأر التجارب، وتستشهد بتعليقات يوتيوب ومرجعك
ليس سوى حكايا إنستاقرام. تتعلق منتظراً جرعة هذا اليوم، منتظراً
تصريح الخروج كما لو كنا في مخيمات اوشفيتز ..أو غزة،  ويمضي
اليوم وتمضي مبتهجاً للعب، وتلعب كذات الفأر، لكن هذه المرة أحمّرت
أنفه ممسكاً ذلك القفص، طالباً المزيد من المخدر. وتعيش ما تبقى
من يومك الموغل في التكرار والمتبحر في كل مالا متحبر منتشياً 
سعيداً. لتبدأ من الغد يوماً ليس حقاً جديداً. تعيد ذلك اليوم من
جديد كأغنية أحببت سماعها، مرة تلو المرة تلو المرة، لكن سرعان
ما تذبل.

تحاول الكتابة بعيداً عن عبق الحبر وملمس الورق الشجي. في ثوانٍ
تموج في الإخطاء الإملائية والإلهام الرخيص، من دقائق تعبئت بالعراك
والوعيد والتهديد، و من أطول مِن مَن بين صِغار الحي، فضّل كبار الحي
الجلوس على زوايا المقهى وإستعادة أمجادهم اللأمجيدة وذكرياتهم
السحيقة، وترديد كذباتهم وإعادة حكاياهم مرة و مرة ومرة.
تحاول الكتابة، فتتثاقل يداك ويستخشن الحبر الورق و يصارع الوصول 
إلى آواخر الجملة لاهثاً… لا عَبِقاً. و”تظل تشكو نضوب الزيت مشكاته”

تعشق خلف شاشاتٍ لا وميض فيها سوى بكسلات، قرر الحاكم بأمر الألوان
وصمها بالرمز b92636. قلبٌ إفتراضي زائفٌ مقلداً حُمرة لا يعرفها البتة
ولا يحسها. شعورٌ يقلد شعور و إمنية تضاف لإمنيات ما كان لها أن تتضخم
لولا بُعد الشعور وبُعد الحُمرة و بُعد القلوب… وبُعد الحياة. 

تفتح شاشة اللابتوب يضيئ لدى “الأخ الأكبر” ضوء يفيد بإنضمامك 
لهذه الخلية اللابهيجه اللون العاملة ليل نهار.. بلا عسل، المُحلقة في
حقلٍ بلا أزهار، الجارية في مضمار لا ينتهي. مرددين جميعاً بصوتٍ واحد
“الحربُ سلام، الحريةُ عبودية، الجهلُ قوة”. ومتى ما قرر “الأخ الأكبر”
العودة للحياة لما قبل كل هذه التجارب على كل هذه الفئران ستواصل
الخلية بالعمل بلا عسل و التحليق بلا أزهار والجري بلا نهاية… لكنها
وبكل ما لدى البسطاء من تفكير أسعد قليلاً بهذا الشكل المقلَد لشكل
الحياة.


الثلاثاء 24 نوفمبر 2020

الرجوع لـ دعني أقول

0 comments:

إرسال تعليق